Translate ترجمة جوجل

الثلاثاء، 31 مارس 2015

رحلتي مع الراهب الذي باع سيارته الفيراري


رحلتي مع الراهب الذي باع سيارته الفيراري


 لم أكن أعلم عن ماذا أبحث, و لكن ما أعرفه تماماً أني دائماً في بحث مستمر, حتى و إن وجدت ما أريد, فأنا في بحث مستمر. جمعتني الصدف مع الراهب, كيف؟ لا أعلم. ربما أثناء بحثي إلتقيت به. لم أعطه بالاً هو و منظره المتقشف الزاهد. و لكن شيئاً ما شدني و جعلني أسأله. و كان سؤالي هو بداية لرحلة عظيمة, أستطيع أن أصفها بأنها من أجمل الرحلات التي قمت بها في حياتي. شدتني قصته و هو يسردها لي, و عن المغامرة  التي خاضها, و أثار حنقي و غضبي عندما عرفت أنه باع سيارته الفيراري. و لكن رحلتي معه كانت فعلاً تستحق الإشادة, و تستحق أن أكتب عنها. و لا أظن أن الراهب سيمانع بأن أكتب كيف كانت رحلتي معه, لأنه هو بنفسه أصبح ينشر حكمة الحكماء أينما ذهب.

جوليان مانتيل, محامي الدفاع الشرس, و الذي له هيبة منقطعة النظير في قاعة المحكمة. كان يحلم بأن يكون في حسابه 300 مليون دولار, و أصبح يعمل ليل نهار , دون كلل او ملل, حتى يصل لمبتغاه. و هو في نفس الوقت يعيش حياة رغد و ترف, مليئة بكل الملذات التي يحلم بها أي شخص, فكان يعرف المشاهير, و يسكن في أفخم البيوت, و يأكل أشهى الأكلات و يسافر لأفخم المنتجعات , و قد أشتهر بقيادته لسيارته الفارهه الفيراري. و لكن في يوم من الأيام, سقط هذا الصرح, سقط جوليان في وسط قاعة المحكمة, فقد غلبه جسده, غلبه قلبه, فأصيب بأزمة قلبية, و بعدها تغير كل شيء.

إختفى جوليان عن الأنظار, أصبح الجميع يسأل عنه, الجميع يبحث عنه. طلب أن لا يسأل عليه أحد, و أن لا يطلبه أحد, و لا يريد شيء من أحد. فبعد ما ألم به, إختار العزلة, إختار أن يبحث عن شيء أخر, إختار أن يبحث عن الحكمة. بعد أن تعافى, ذهب في رحلة للهند, يبحث عن شيء لم يبحث عنه من قبل, كان يبحث عن نفسه, او من يساعده ليجد نفسه. و بعد رحلة طويلة على الأقدام , مشى فيها فوق أعالي الجبال, و بعد أن أعياه التعب, وجد شخصاً. وجد أحد الحكماء , الذين زهدوا في كل شيء و أستثمروا في أنفسهم حتى يكونوا مرجع للحكمة.

أخذني بعيداً جوليان مانتل و هو يحكي لي قصته, فكنت أشعر بأنه يغوص بي عميقاً ليكشف لي مدى جمال أعماق المحيط, و كنت أتابعه بتعجب و هدوء. فكان يقول لي ما تعلم من الحكماء "إننا لسنا بشر نمر بتجارب روحانية, بل كائنات روحانية تمر بتجارب بشرية". و أردف أيضاً " إعلم أن السعادة رحلة, و ليست وجهة, فعش اليوم فلن تجد له مثيلاً قط". كلمات الحكماء التي كان يخبرني بها جولايان عظيمة, فلها من الأثر الكبير على نفسي, و المقولة التي جعلتني أفكر كثيراً , و التي أخذتني لأبعاد لم أكن أتخيل أن أصل لها, حين أخبرني جوليان و قال: "إفهم دورك في الكون, فهذه هي الرحلة التي تستحق كل وقتك".  بعد أن قال لي هذه المقولة ذهبت في سرحان بعيد جداً, و أنا أحاول أن أرغم عقلي بأن يستوعبها. و بدأت أسأل نفسي و أجيب في نفس الوقت, ماهو دوري في الكون؟, فأنا أعرف دوري في منزلي, و ربما دوري أيضاً في الحياة. و لكن فكرة أن أعرف دوري في الكون, كانت كفيلة بأن تجعلني أتحدث مع نفسي.

 إلى أن أنتشلني جوليان من سرحاني و قال على رسلك: "لا تكن سجين ماضيك, كن مهندس مستقبلك, و عندها لن تكون كما كنت من قبل". ثم أردف و قال " و لا تنسى أن تبذل للأخرين, فهذا هو مفتاح إزالة الأصفاد عن الذات". هذه الكلمات التي أخبرني بها جوليان كأنها طريقة لحل أحجية كبيرة كي أعرف دوري في الكون, فكل شيء متصل مع بعضه البعض و ما علينا إلى أن نعطي الوقت و الجهد حتى نصل لما نريد.

كانت رحلة جميلة قضيتها مع الراهب الذي باع سيارته الفيراري, تعلمت منها مالم أكن أتخيل. و قد أثرت في كثيراً. و لكن لازلت حانق بأنه باع سيارته الفيراري, لأني كنت متأثر أيضاً برحلتي مع أغنى رجل في بابل.... و لكن هذه قصة أخرى.




و كلمتي الأخيرة:

التوكل على الله دائماً و أبداً. التفاؤل مطلب مهم, و مواجهة الواقع شر لا بد منه. و لكن الأمل بالله أبداً لا ينضب, فالحمدلله إن أصبت و أستغفر الله إن أخطأت.

  إقتراحاتكم و تعليقاتكم تُعلمني و تهمني و تُلهمني

@mkatouah
eng.mkatouah@gmail.com


خط تويتر الزمني